التليفون – نعمة أم نقمة :
التليفون نعمة أنعم الله بها على الإنسان في هذا الزمان يقرب البعيد ويقضي المصالح ، ويساعد الإنسان على صلة الرحم والتوادّ بين الإخوة والأصحاب ، لكننا لتعودنا عليه صرنا لا نستشعر أنه نعمة فنسينا نشكر الله تعالى عليها ، بل اتخذناه – ولا سيما التليفون المحمول - وسيلة لمخالفة أمر ربنا وعدم مراعاة بعض الآداب الإسلامية المتعلقة بذلك ، والوقوع في بعض المخالفات والتي منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- وضع التليفون على مكبر الصوت بحضرة الآخرين وحولَه مَنْ يسمع الحديث ، دون علم المتصل ، فقد يبوح بما يريده سراً بينه وبين صاحبه فيفشي سره ويفضح أمره ويخونه ، وينسى أن من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، ومن كشف ستر أخيه كشف الله ستره – كما ورد في السنة .
2- قيام بعض الناس بتسجيل المكالمة دون إذن المتصل ، فإذا سجلتَ مكالمته دون إذنه وعِلْمِه فهذا مكر وخديعة، وخيانة للأمانة ، وإذا نشرتَ هذه المكالمةَ للآخرين فهي زيادة في التَّخون، وهتك الأمانة ، فاتقوا الله إخوتي ولا تخونوا أماناتكم، ولا تغدروا بإخوانكم .
3- النظر في تليفونات الآخرين واستعراض ما فيها من رسائل وأرقام وغيرها دون رضاهم أو إذنهم : فذلك من كشف الستر، ومن التطفل المذموم، بل هو نوع من أنواع الخيانة، روى أبو داود بسنده من حديث عبد الله بن عباس ^ أن رسول الله ﷺ قال " من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار"
4- الحذر من إحراج المتَّصَلِ عليه: كأن يَمْتَحِنَ المتَّصِلُ المتَّصَلَ عليه بقوله: هل تعرفني؟ فإذا قال: لا، بدأ يلومه، ويعاتبه على نسيانه له، وعدم تخزينه لرقم هاتفه.
جاء في الصحيحين عن جابر بن عبد الله^ قال: أتيت النبي " فدعوت، فقال النبي " من هذا ؟ فقلت: أنا . فخرج وهو يقول:أنا أنا!! كأنه كرهه . فهذا يدل على أن المستأذن في على أهل بيت – ومثله المتصل على غيره –لابد أن يردّ بالتصريح باسمه .
5- إغلاق التليفون أو وضعه على الصامت عند دخول المسجد: وذلك لئلا يشوشَ على المصلين، ويقطعَ عليهم خشوعهم وإقبالهم على صلاتهم.
وإذا حصل أنْ نسي ولم يغلقْه أويضعه على الصامت فليبادر إلى إغلاقه وإسكاته إذا اتصل أحد؛ لأن بعض الناس يدعه يرن وربما كان بنغمات موسيقية مؤذية، فلا يُغْلِقُهُ ولا يسكته؛ خوفاً من حدوث الحركة في الصلاة ، والذي ينبغي لهذا أن يعلم أن تلك الحركة لمصلحة الصلاة، بل لمصلحة المصلين عموماً ، كما ينبغي أن يُبْسَطَ العذرُ لمن نسي إغلاقَ جوالِه أو وَضْعَهُ على الصامت، وألا يشدد في النكير عليه، والنظرِ شزراً إليه، خصوصاً إذا كان ممن يُخشى نُفُورُه، وغضبه، أو أن يكون فاضلاً نسي؛ فلا يحسن إحراجه وتبكيتُه ، ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة حينما لَطُف بالأعرابي الذي بال في المسجد، وأمر أن يهراق سِجْلٌ أو ذنوبٌ من ماء على مكان بوله.
6- مراعاة حال المتصل عليه ، إنك تتصل في وقت يناسبك أنت لكنه قد لا يناسب صاحبك ، فقد يكون مريضاً، أو في مكان لا يسمح له بالتفصيل كأن يكون في مسجد، أومقبرة، أو بين أناس لا يود أن يقطع حديثهم أو نحو ذلك؛ فإذا لم يَرُدّ، أو ردَّ ردَّاً مقتضباً، أو كانت الحفاوة أقل من المعتاد _ فعلى المتصل أن يبسط له العذر، وألا يسئ به الظن .
وكم من مرة اقتحم عليك فيها متصل خلوتك أو ظروفك التي لا تسمح لك أن تكلم أحداً في هذا الوقت ، والويل لك ساعتها إن كان مع هذا المتصل رصيد مجاني فإنه لا اعتبار للوقت عنده حينئذٍ .
7- ونأتي إلى موضوع غير أخلاقي يمارسه بعض الشباب ، إنهم يصورون ويسجلون على تليفوناتهم مناظر جنسية وفواحش علنية لينظروا إليها متى شاؤوا ، كيف يصلي هؤلاء المساكين وهذا البلاء في جيوبهم ؟ أيظنون أن يقبل الله لهم دعاءً إن دعوا في محنة ألمت بهم فجأة ؟ بل ماذا يصنعون إن أتاهم الموت فجأة وهذا البلاء في جيوبهم ؟ وهل هناك خاتمة أسوأ من أن تلقى الله تعالى ومعك فواحش علنية ؟؟؟